
08-11-2011, 04:12 AM
|
 |
عضو
|
|
تاريخ التسجيل: Aug 2009
مشاركة: 247
مستوى تقييم العضوية: 16
|
|
رضينا بالله ربا
ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكون
إن الحمد لله نحمده و نستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا ونصلى ونسلم على سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم ..
إن الله تبارك وتعالى شإٍ لكل شي ، خالق لكل شيئ ، مقدر لكل شيئ ، إن الخلق كلهم ملك لله عز وجل زواتة وصفاته ، إذا فالكل لله عز وجل ، و لا يمكن أن يكون في ملكه مالا يريد تبارك وتعالى .
و لاكن يبقى علينا إذا كان الأمر راجعاً إلى مشيئة الله تبارك وتعالى ،
وأن الأمر كله بيده ، فما طريق الإنسان إذا وما حيلة الإنسان إذا كان الله تعالى قد قدر عليه أن يضل ولا يهتدي ؟
فبين الله تبارك وتعالى أن أسباب إضلاله لمن ضلا إنما هوا بسبب من العبد نفسه ، و العبد كما أسلفنا أنفا لا يدري ما قد الله تعالى له ، لأنه لا يعلم بالقدر إلا بعد وقوع المقدور ، فهو لا يدري هل قدر الله له أن يكون ضالا أم يكون مهتدياً ؟
فما باله يسلك طريق الضلال ثم يحتج بأن الله قد أراد له ذلك ؟ أفلا يجدر به أن يسلك طريق الهدايه ثم يقول إن الله تعالى قد هداني للصراط المستقيم ؟
أيجدر به أن يكون جبرياً عند الضلالة قدريا عند الطاعة ؟!
كلا لا يليق بالإنسان أن يكون جبريا عند الضلالة والمعصية ، فإذا ضلا أو عصى الله قال هذا أمر قد كتب على وقدر على ولا يمكن أن أخرج عما قضى الله وقدر و إذا كان في جانب الطاعة ووفقه تعالى لطاعة و الهدايه زعم أن ذلك منه ثم منه به على الله و قال : أنا أتيت به من عند نفسي فيكون قدريا في جانب الطاعة جبريا في جانب المعصية ، هذا لا يمكن أبدا ، فالإنسان في الحقيقة له قدرة و له اختيار ، وليس باب الهدايه بـ أخفى من باب الرزق ، و بـ أخفى من أبواب طلب العلم ، والإنسان كما هو معلوم لدى الجميع قد قدر له ما قدر من الرزق ومع ذلك هو يسعى في أسباب الرزق في بلده وخارج بلده يمينا وشمالا ، لا يجلس في بيته ويقول إن قدر لي رزق فإنه يأتيني ، بل هوا يسعى في أسباب الرزق مع أن الرزق نفسه مقرون بالعمل كما سبت ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم : من حديث إبن مسعود رضي الله عنه : ( أن يجمع خلقه في بطن أمه أربعين يوما نطفة ، ثم يكون علقة مثل ذلك ، ثم يكون مضغة مثل ذلك ، ثم يبعث إليه الملك فيأمر بأربع كلمات يكتب رزقه و أجله و عمله وشقي أم سعيد ). رواه البخاري في كتاب بدأ الخلق ..
باب ذكر الملائكة رقم (3208) ومسلم ، كتاب القدر.
باب كيفية الخلق الآدمي في بطن أمه رقم (2643 ).
فهذا الرزق أيضا مكتوب كما أن العمل من صالح أو سيئ مكتوب ، فما بالك تذهب يمينا وشمالاً ، وتجوب الأرض طلبا لرزق الدنيا ولا نعمل عملا صالحا لطلب رزق الأخرة والفوز بدار النعيم ، إن البابين واحد ليس بينهما فرق ، فكما تسعى لرزقك تسعى لحياتك لامتداد أجلك .
فلماذا يكون عملك في طريق الأخرة وفي العمل الصالح كطريقك فيما تعمل للدنيا ؟ !
وقد سبق أن قلنا أن القضاء سيراٌ مكتوم لا يمكن أن تعلم عند فأنت الآن بين طريقين ، طريق يؤدي بك إلى السلامة وللفوز و السعادة و الكرامة ، و طريق يؤدي بك إلى الهلاك والندامة و المهانة .
و أنت الآن واقف بينهما ومخير ليس أمامك من يمنعك من سلوك طريق اليمين ومن سلوك طريق الشمال ، و إذا شئت ذهبت إلى هذا ، وإذا شئت ذهبت إلى هذا فما بالك تسلك طريق الشمال ثم تقول أنه قد قدر علي .
أفلا يليق بك أن تسلك طريق اليمين و تقول أنه قد قُدر لي ؟ .
إن النفوس والأهواء هي التي تتحكم أحيننا في العقل وتغلب على العقل ،
والمؤمن ينبغي أ، يكون عقله غالبا على هواه ، إذا حكم عقله .
فالعقل بالمعنى الصحيح يعقل صاحبه عما يضده ، و يدخله في ما ينفعه ويسره .
كذالك أيضا هوا في سيره إلى الأخرة يسير سيرا اختياريا ، بل و إن طريق الأخرة أبين بكثير من طريق الدنيا ، لأن الذي بين طريق الأخرة هو الله تعالى في كتابه وعلى لسان رسوله صلى الله عليه وسلم ، فلا بد أن يكون طريق الأخرة أكثر بينا و أجلا وضوحا من طريق الدنيا .
ومع ذلك فإن الإنسان يسير في طريق الدنيا التي ليس ضامنا لنتائجها ، و لا كنه يدع طريق الأخرة التي نتائجها مضمونة معلومة ، لأنها ثابتة بوعد الله،
و الله تبارك وتعالى لا يخلف الميعاد .
و من ذلك نقول إن الإنسان يفعل ما يختاره و أنه يقول كما يريد ، ولا كن إرادته و اختياره تابعا لإرادة الله تبارك وتعالى ومشيئته ، و نؤمن بأن مشيئة الله تعالى تابعا لحكمته ، و أنه سبحانه وتعالى ليست مشيئة مطلقة مجردة ولا كنها مشيئة تابعة لكحمته ،
لأن من أسماء الله تعالى الحكيم .
وهو الحاكم المحكم الذي يحكم الأشياء كونا وشرعا ، ويحكمها عملا و صنعا ، و الله تعالى بحكمته يقدر الهدايه لمن أرادها لمن يعلم سبحانه وتعالى أنه يريد الحق ، و أن قلبه على الإستقامه .
و يقدر الضلالة لمن لم يكن كذاك لمن إذا عرض عليه الإسلام يضيق صدره كأنما يصعد في السماء .
فإن حكمت الله تبارك وتعالى تأبى أن يكون هذا من المهتدين إلا أن يجدد الله له عزما ، ويقلب إرادته إلى إرادة أخرى .
و الله تعالى على كل شي قدير ، ولا كن حكمة الله تأبى إلا أن تكون الأسباب مربوطة بها مسبباتها .
و إن الله تبارك وتعالى كتبه عنده في اللوح المحفوظ مقادير كل شيئ .
وقد جمع الله تعالى بين هاتين المرتبتين في قوله : ( ألم تعلم أن الله يعلم ما في السماءِ والأرض إن ذلك في كتابٍ إن ذلك على الله يسيرٌ )(الحج : 70).
فبدأ سبحانه بالعلم وقال إن ذلك في كتاب ، أي أنه مكتوب في اللوح المحفوظ كما جاء به الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( أن أول ما خلق الله تعالى القلم قال له أكتب ، قال : ربي ماذا أكتب ؟ قال: أكتب ما هوا كائن , فجرى في تلك الساعة بما هوا كائن إلى يوم القيامة ) رواه أبو داود و الترمزي ، كتاب السنة ، باب في القدر رقم (4700) (2155) .
ولهذا سأل النبي صلى الله عليه وسلم : عما نعمله أشيء مستقبل أم شيئ قد قضي وفرغ منه ؟ قال : ( إنه قد قضى وفرغ منه ) . رواه أحمد (1/29) و الترمزي .
وقال أيضا حين سأل : أفلا ندع العمل ونتكل على الكتاب الأول ؟ قال : (أعملوا فكل ميسر لما خلق له ).
فأمرهم النبي صلى الله عليه وسلم : بالعمل ، فأنت يا أخي أعمل و أنت ميسر لما خلقة له .
ثم تلا صلى الله عليه وسلم قوله تعالى : (( فأما من أعطى و التقى( 5 ) وصدق بالحسنى (6 )فسنيسره لليسرى( 7 ) وأما من بخل و استغنى( 8 ) وكذب بالحسنى 9 فسنيسره للعسرى )
[ الليل : 5 -10 ].
و قد اثبت الله تعالى مشيئته في فعله و مشيئته في فعل العباد ، فقال الله تعالى : ( لمن شاء منكم أن يستقيم( 28 ) وما تشاءون إلا أن يشاء الله رب العالمين ) [ التكوير: 28-29].
إلى آيات كثيرة تثبت المشيئة في فعله تبارك وتعالى .
فلا يتم الإيمان بالقدر إلا أن نؤمن بأن مشيئة الله عامه لكل موجود أو معدوم.
فما من معدوم إلا وقد شاء الله تعالى عدمه ، وما من موجود إلا وقد شاء الله تعالى وجوده ، و لا يمكن أن يقع شي في السموات ولا في الأرض إلا بمشيئة الله تعالى .
و أخيرا نقول : على المؤمن أن يرضى بالله تعالى ربا ، و من تمام رضاه بالربوبية أن يؤمن بقضاء الله وقدره ، و يعلم أنه لا فرق في هذا بين الأعمال التي يعملها وبين الأرزاق التي يسعى لها ، و بين الآجال التي يدفعها ، الكل بابه سواء ، والكل مكتوب ، والكل مقدر ، وكل إنسان ميسر لما خلق له .
أسأل الله عز وجل أن يجعلنا ممن ييسرون لعمل اهل السعادة ، وأن يكتب لنا الصلاح في الدنيا والأخرة ، و الحمد لله رب العالمين ، وصلى الله على نبينا محمد وعلى أله وصحبه وسلم تسليما كثيرا ....
المصدر: مدونة خليجي
http://www.khlegy.com
|