عرض مشاركة مفردة
 
  #19  
قديم 29-09-2008, 08:40 PM
الصورة الشخصية لـ المحررة
المحررة المحررة غير متصل
عضو
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
مشاركة: 516
مستوى تقييم العضوية: 18
المحررة is on a distinguished road
إرسال رسالة عبر MSN إلى المحررة
وسام الويب البرونزي 
عدد الأوسمة: 1 (المزيد ...)
الافتراضي

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ،،
  • هل يشترط أن الرضا إذا حصل لا يكون هناك ألمٌ عند وقوع مصيبة ؟!
الجواب : ليس من شروط الرضا ألا يحس العبد بالألم و المكاره ، بل من شروط الرضا عدم الاعتراض على الحكم و ألا يسخط ، و لذلك فإن الرضا لا يتناقض مع وجود التألم و كراهة النفس لما يحصل من مكروه ..

· فالمريض مثلاً يرضى بشرب الدواء مع أنه يشعر بمرارته و يتألم لمرارته ، لكنه راضٍ بالدواء مطمئنٌ بأخذه مقبلٌ على أخذه ، لكنه في ذات الوقت يَطْعَم مرارة الدواء ..

· الصائم رضي بالصوم و صام و سُرَّ بذلك .. لكنه يشعر بألم الجوع .. هل بشعوره بألم الجوع يكون غير راضٍ بالصيام ؟! لا .. هو راضٍ بالصيام و يشعر بالجوع ..

· المجاهد المخلص في سبيل الله راضٍ عند الخروج للجهاد .. و مُقْدِمٌ عليه .. مقتنع به .. لكن يحس بالألم .. و التعب .. و الغبار .. و النعاس .. و الجراح ..

إذاً لا يشترط أن يزول الألم و الكراهية للشيء إذا حصل الرضا ، لكن بعض أصحاب المقامات العالية جداً يستلذّون بالألم إذا حصل في الجهاد أو الصيام ..
لكن لا يشترط أن الفرد إذا أحس بالألم في العبادة أن يكون غير راضٍ .. ليس شرطاً .,.
و طريق الرضا طريقٌ مختصرٌ قريبةٌ جداً ، لكن فيها مشقةٌ ، و ليست مشقتها أصعب من مشقة المجاهدة ، و لكن تعتريها عقبتان أو ثلاث :
  • همةٌ عاليةٌ
2نفسٌ زكيّةٌ
  • توطين النفس على كل ما يَرِدُ عليها من الله تعالى ..
و يسهُل ذلك على العبد إذا عرف ضعفه و قوة ربه ، و جهله و علم ربه ، و عجزه و قدرة ربه .. و أن الله رحيمٌ شفيقٌ به ، بارٌّ به ، فهو البرُّ الرحيم ..

فالعبد إذا شهد هذه المقامات رضي ، فالله عليمٌ حكيمٌ وهو رؤوفٌ ، وهو أعلم بما يُصْلِح العبد من العبد ، و توقن أن ما اختاره لك هو الأفضل و الأحسن .. عباراتٌ أحياناً ترد لكن الإنسان إذا آمن بها وصل إلى المطلوب ..أحياناً هناك مقاماتٌ إيمانيةٌ يبلغها الإنسان بقلبه و يأخذ بها أجراً عظيماً يرتقي بها عند الله وهي عبارةٌ عن تفكّراتٍ ( يفكّر فيها فيهتدي إليها فيأخذ بها فيحصل على المطلوب فلم يبذل جهداً بل هي أشياءٌ تأمليةٌ ) ..

فالتفكّر من أعظم العبادات ...
فإذا تفكّر العبد أن ما يختاره له ربه هو الأحسن و الأفضل ..
فإذا آمن بها الإنسان رضي ..

و تحصيل الرضا غير معقّدٍ .. كيف ؟!

أن تؤمن بأن ما اختاره الله لك وقدّره عليك هو أحسن شيءٍ لك .. سواءً كان موتُ ولدٍ أو مرضٍ أو تركُ وظيفةٍ ..لكن أنت قد تجهل لماذا هو أحسن شيءٍ !! أنت لا تعلم لماذا لو أعطاك ليس مصلحتك !!

أنت في حال الفقر لا تعلم لماذا ليس في مصلحتك أن تحصّل المال .. و هكذا ..
فنتيجة إذا اعترف العبد بجهله و آمن بعلم ربه و أن اختياره له أولى و أفضل و أحسن من اختياره لنفسه ..وصلنا إلى الرضا ..

فطريق المحبة و الرضا تسير بالعبد و هو مستلقٍ على فراشه فيصير أمام الركب بمراحل !!
هناك أناسٌ يعملون و يجهدون و صاحب الرضا بعبادته القلبية يسبقهم بمراحل ،
و هم من خلفه مع أنه على فراشه و هم يعملون ؛ لأنه راضٍ عن الله و يتفكّر في هذا الأمر و يؤمن به فيقترب من الله و أناسٌ لم يصلوا لهذا المستوى و يعملون و يجهدون ...
لذلك أعمال القلوب مهمةٌ جداً ؛ لأن المرء يمكن يبلغ بها مراتب عند الله و هو قاعدٌ ..
و هذا لا يعني ألا يعمل و لا يصلي ..
و قد يكون هناك أناسٌ آخرين أكثر منه عملاً ( صيام ــ صدقة ــ حج ) ، لكنهم أقل منه درجةً ..

لماذا ؟!! لأنك بهذا العلم بأعمال القلوب قد تحصّل مراتب عند الله أكثر منهم ؛ لأن عمل القلب نفسه يرفع العبد في كثيرٍ من الأحيان أكثر من عمل الجوارح …فأبو بكر ما سبق أهل هذه الأمة لأنه أكثرهم صلاةً و قياماً في الليل ... هناك أناسٌ أكثر منه في عمل العبادات و الجوارح ... لكن سبقهم بشيءٍ وَقَرَ في نفسه ..الرضا عن الله لو تحققت في صدر العبد ؛ تميز بين مستويات العباد و ترفع هذا فوق هذا .. ينبغي التفطّن لها .. كما تعمل بالجوارح هناك أعمال قلوبٍ لا تقل أهميةً بل هي أعلى منها ، مع الجمع بين الواجب من هذا و ذاك .. و لكن قد يدرك الإنسان أحياناً بتفطّنه و تأمله و تفكّره و إيمانه مراتب أعلى من الذي أكثر منه عملاً بالجوارح .. و لذلك يقول ابن القيّم ( فطريق الرضا و المحبة تسيّر العبد و هو مستلقٍ على فراشه فيصبح أمام الركب بمراحل )) " و هو على فراشه " ..

نتابع بإذن الله

منتديات طريق الإيمان






التوقيع
إشراف وتنشيط متميز