عرض مشاركة مفردة
 
  #1  
قديم 08-06-2006, 10:04 PM
مركز ماج للدراسات مركز ماج للدراسات غير متصل
عضو
 
تاريخ التسجيل: Jun 2006
مشاركة: 7
مستوى تقييم العضوية: 0
مركز ماج للدراسات is on a distinguished road
Post بقلم استاذنا الفاضل الدكتور محمد جميعان بعنوان نحو خطاب اكثر فاعلية لمناهضة العولمة

نحو خطاب اكثر فاعلية لمناهضة العولمة

بقلم الدكتور محمد جميعان

ان مكامن القوة في العولمة كفكر ورجال وأدوات هي عميقة ومرنة وخطيرة جدا في نفس الوقت لايمكن مناهضتها بمصطلحات"تنفيسية"تخاطب الوجدان لاستثارته استخدمت قبل ان يكون للعولمة منهج وقوة ،ولا يمكن أيضا مناهضتها من خلال جمعيات محددة او مختلفة الإغراض يلتقي فيها نخبة يتحدثون ثم يذهبون ،ولا يمكن أيضا مناهضتها بمسيرات من بضع عشرات نراها تقف أمام بعض المؤتمرات في العالم كله ترفع يافطات تعارض ذلك وتنقلها وسائل الإعلام نفسها،بل وتجد من يركز عليها باعتبارها مظاهر ديمقراطية...يحبذها اصحاب العولمة انفسهم.ان ذلك الخطاب وتلك الأدوات التي يستخدمها مناهضوا العولمة ليست فاعلة رغم كونها ضرورية لجمع الشمل وتوحيد الطرح ومضايقة الناطور،ولكنها غير مؤثرة في قطف العنب وحشد القوى التي هي محل استهداف من قبل العولمة ومحل استقطاب من قبل مناهضي العولمة ، في شد وجذب اجد فيه على ضوء هذه المعادلة ان الغلبة ولا شك لاصحاب العولمة الذين افسحوا مجالا واسعا لفهم توجهاتهم دون ان تكون محل شك من قبل الاخرين فهم يقصرون الحديث في الاقتصاد ومناهجه والاصلاح وضرورياته باعتبار العولمة قادرة على نقل التكلونوجيا وراس المال والخبرات من خلال الشركات الكبرى والمتعددة الجنسيات ،والخصخصة لخلق فرص عمل ،وارتفاع معدلات الدخول وتحسين المستوى المعيشي وزيادة الرفاهية وما الى ذلك مما يلامس حاجات الناس وضرورياتهم ،تاركين الحديث في مجالات العولمة الاخرى من ثقافية..الى استعمارية لاصحاب الاختصاص من علماء النفس والاجتماع والعلوم الاخرى وكذلك للمؤسسات ومراكز البحث التي تتبنى طرح العولمة في منهجية اساسها توزيع الأدوار قد لا يكون متعمدا في ذاته بقدر ما هو وعي لدى اصحاب العولمة في قيام كل واحد منهم بواجبة ودوره باعتباره مفكرا او عالما او مؤسسة لنشر هذا الفكر بين المثقفين ليصل الى نسيج المجتمع دون النظر الى الطرح الشمولي للعولمة الذي يرفض من قبل العامة من الناس يساندهم في ذلك أدوات تساعدهم بشكل هائل على نقل هذا الفكر والتغلغل في نسيج المجتمعات في العالم كله ابتداء من الأسرة والجمعيات ومراكز البحث والمدارس والجامعات ،بل وابعد من ذلك في نسيج عقل الفرد نفسه ومنهجه وفكره مما يجعله يستمع ويتقبل ومن ثم يقتنع بهذه التوجهات وذلك من خلال شبكة الاتصالات التي أصبحت تنقل الصوت والصورة بسهولة لم يعد معها البعد المكاني يشكل أهمية ...من الخلويات الى الفضائيات..الى الانترنيت ..وتفنن اصحاب العولمة في استغلال هذه الأدوات للوصول الى عقل ووجدان كل فرد وأسرة في هذه المجتمعات تجعلهم يقبلون بل ويساهمون في نشر فكر العولمة بوعي في بعض الأحيان ودون وعي منهم في أحيان كثيرة...

أمام هذا الواقع بين اصحاب العولمة والمناهضين لها تقع الأغلبية الصامتة من الناس في العالم كله التي بطبيعتها تنشغل بقوت يومها ومشاهدة الفضائيات في ليلها ،وتأخذ الوسطية طريقا ،باعتبارها الحل الثالث الذي ترى للعولمة فوائد ملموسة على حياتهم العامة والخاصة ،وترى في الوقت نفسه مدى الأذى الذي تشكله العولمة في الهيمنة على اقتصادها ،وعمق ثقافتها ،ونسيج تقاليدها واصالة تراثها وبراهين معتقداتها وتشتيت فكرها ،مما يصعب معه الفصل بين ما يسمى بالعولمة الشعبية والعولمة الراسمالية ،بل ان هذا الفصل اللغوي الذي أورده مناهضوا العولمة في خطابهم جاء من اجل تخفيف حالة التشدد في مهاجمة العولمة ،وتطمين الناس بعدم المساس بمكتسباتهم لن يؤدي إلا الى المزيد من خدمة العولمة نفسها التي تعتبر ما يسمى بالعولمة الشعبية مدخلا استرتيجيا للهيمنة الراسمالية ،بمثابة التطبيع وفسح المجال لقبولها..وبالمقابل فان هذه الأغلبية الصامتة تنغمس في ملذات العولمة في يومها وليلها ونومها وصحوها بمختلف الوانها التي تقبل عليها النفس ولا تدبر إلا بعد الارتواء الذي تتجدد معه النشوة لمزيد منه من جديد وهكذا في حلقة إشباع النفس المتجدد ،تساهم في نشر العولمة دون وعي او إدراك ما يقصده هؤلاء النخبة المناهضين للعولمة الذين لا اشك في صدق مبادئهم وثباتهم في تحصيلها ،إلا أنني أتشكك في قدرة أدواتهم الراهنة وفاعلية خطابهم على مناهضة حقيقية للعولمة وأدواتها التي تشكل صعوبة كبيرة وخطورة اكبر في وقف هذا المد العولمي الذي يدخل كل بيت..ولابد ان تتجه الجهود نحو خطاب وأدوات جديدة وفاعلة لمناهضة العولمة بحجم خطورتها وآثارها علينا وعلى أجيالنا القادمة يحتاج معه الى تظافر الجهود جميعها من جميع الاتجاهات والجنسيات المناهضة للعولمة لصياغته والاتفاق عليه ليكون فاعلا في مناهضة العولمة....

www.maktoobblog.com/majcenterdrmjumian@yahoo.com