توبة شاب مفتون
صحّ في الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : ((
ما تركت بعدي فتنة أضرّ على الرجال من النساء )) .
وهذا العصر هو عصر المرأة ، فإنك أينما ذهبت وجدتها أمامك ..
في السوق . في الشارع .. في المستشفى .. في وسائل الإعلام
المختلفة ... بل حتّى على المعلّبات . وفي كثير من البلاد : في
المدارس والجامعات ّ .. وتلك هي الفتنة الكبرى ..
يقول هذا الشاب :
كنت في مرحلة المراهقة عند التحاقي بالثانوية المختلطة ، وفي
أول يوم من دخولها تسلّط عليّ أحد رفقاء السوء ، والذي أعرفه
منذ المرحة المتوسطة ، فقال لي أثناء فترة الاستراحة : اختر
أيّ فتاة من هؤلاء الفتيات الجميلات ، واجعلها عشيقة لك ! وبدأ
يملأ رأسي الطريّ بأشياء جديدة وخبيثة ، فنهرته بلساني ، لكن
نفسي الضعيفة استوعبت تلك الكلمات الرّنانة الخبيثة ، ومع مرور
الأيام وقعت عيناي على فتاة محجّبة تكبرني سنّاً ، فبدأت ألحّ
إليها بالنظرات المحرّمة فقط ، دون التكلّم معها ، وكنت أظن
أنها تبادلني نفس الشعور .
ومرت السنة الأولى وأنا على هذه الحال ، حتى تغير كل شيء في
حياتي ، من شرود للذهن ، وإهمال للصلاة ، وقلّة لذكر الله،
وضعف في المستوى الدراسي ، والمصيبة الأخرى ، وهي ممارسة بعض
العادات السيّئة المحرّمة كلّ يوم تقريباً ، فلّما جاءت العطلة
الصيفيّة ، ازدادت حالتي سوءاً بعد سوء ، فكنت شديد النرفزة
والعدوانيّة تجاه أهلي وأصحابي ، ثمّ وقع في يدي كتاب بعنوان :
( ففرّوا إلى الله )) لأبي ذرّ القلموني ، وكان قد تحدّث فيه
عن العشق ودوائه ، وبعد مطالعتي له دعوت الله أن يرينيها في
المنام ، غير أنّي لم أر شيئاً في تلك الليلة ، ومرّت الأيام ،
ونسيت أمر ذلك الدعاء المزعوم ، حتى جاءت ليلة من الليالي ،
فرأيت فيما يرى النائم أنني في يوم حارّ جدّاً ، وقد توسّطت
الشمس كبد السماء ، وهذا الفتاة قد وقفت وحيدة أمام باب
المدرسة ، وأنا واقف أمامها من مسافة بعيدة ، فأشارت إلى بيدها
أن تعال ! وكانت تخفي خلف ظهرها شيئاً ، فاشتعلت في نفسي شرارة
شيطانية ، وانطلقت إليها كالكلب المسعور ، وحين وقفت أمامها
أخرجت يدها من وراء ظهرها وهي تحمل رسالة وقلماً جميلاً ،
فقالت : (( خذهما وانصرف )) .. فحوّلت وجهي عنها إلى ناحية
أخرى ، فإذا بشجرة خضراء باسقة الأغصان ، فهرولت إليها وأنا في
غاية السرور والفرح بما تحمله يدي ، فجلست في ظلّ الشجرة
أتصفّح الرسالة ، فإذا مكتوب فيها : (( اتق الله يا عبد الله ،
واتركني في حالي ، إنّي أتعذّب ، اتّق الله .. )) ففهمت مضمون
الرسالة ، فهو لا يحتاج إلى تأويل ، فكان ذلك سبباً – ولله
الحمد – في توبتي وتجديد إيماني ، وتثبيتي على الحق ، والله
على ما أقول شهيد . .
وأما حال تلك الفتاة المؤمنة ، فالله أعلم به .. |