فرض الصيام – مثل بقية الشرائع
الإسلامية- في المدينة بعد الهجرة . فقد كان العهد المكي
عهد تأسيس العقائد ، وعهد ترسيخ اصول التوحيد ، ودعائم
القيم الإيمانية والأخلاقية ، سواء في العقول او في القلوب
، وتطهيرها من رواسب العادات الجاهلية في العقيدة والفكر ،
والخلق والسلوك . أما بعد الهجرة ، فقد اصبح للمسلمين كيان
متميز ، فشرعت عندئذ الفرائض ، وحددت الحدود ، وفصلت
الأحكام ، وكان منها الصيام .
فلم يشرع في مكة إلا الصلوات الخمس ، لما لها من أهمية
خاصة ، وكان ذلك في ليلة الإسراء ، في السنة العاشرة من
البعثة .
وبعد ذلك بخمس سنوات او أكثر فرض الصيام ، اي في السنة
الثانية من الهجرة . وهي نفس السنة التي فرض فيها الجهاد .
وقد توفي النبي صلى الله عليه وسلم
وقد صام تسعة رمضانات (زاد المعاد).
يقول ابن القيم في (الزاد) : (لما كان فطم النفوس عن
مألوفاتها ، وشهواتها ، من أشق الأمور وأصعبها ، فقد تأخر
فرض الصوم إلى وسط الإسلام بعد الهجرة ، لما توطنت النفوس
على التوحيد والصلاة ، والفت أوامر القرآن : فنقلت إليه
بالتدريج)
|